العراق يلغي اتفاقية ملاحية مع الكويت ودول الخليج وأميركا تراقب.. ما القصة؟

دخلت دول مجلس التعاون الخليجي على خط الأزمة بين العراق والكويت، التي اندلعت عقب إلغاء المحكمة الاتحادية العراقية (أعلى سلطة قضائية بالبلد) “اتفاقية خور عبد الله” الملاحية بين البلدين الجارين، وذلك بعد 10 أعوام على توقيعها، وإيداعها لدى الأمم المتحدة.

في 4 سبتمبر/ أيلول 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية خور عبدالله الملاحية، بالبرلمان العراقي عام 2013، لأن الأخير لم يحقق أغلبية الثلثين المطلوبة لسن قوانين تخص المعاهدات والاتفاقات الدولية.

وهذا القرار يعني ضمنيا انسحابا عراقيا من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الكويت، ويمنع الحكومة العراقية والبرلمان من الاستناد إلى الاتفاقية الموقعة عام 2013، في أي إجراء تتخذه بغداد مع دولة الكويت.

وتعد “اتفاقية خور عبدالله” التي تنظم الملاحة البحرية في خور عبد الله بالخليج العربي بين العراق والكويت، وتم التصديق عليها عام 2013، إبان حكومة نوري المالكي، أحد أبرز الملفات المتعلقة بقضية ترسيم الحدود البرية والمائية بين البلدين.

ويقع خور عبدالله شمال الخليج العربي، بين جزيرة بوبيان الكويتية، وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية، مشكلا خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر العراقي.

وتقضي الاتفاقية بتقسيم مياه خور عبدالله مناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة رقم 833 الصادر عام 1993، الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي للكويت.

تضامن خليجي

دخول دول مجلس التعاون الخليجي على خط الأزمة، جاء بعد اجتماع تنسيقي لوزراء خارجية الدول الخليجية عقد في 17 سبتمبر، بمقر الوفد الدائم لسلطنة عُمان لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

وقال البيان الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، إن “الاجتماع ناقش التطورات الراهنة مع جمهورية العراق الشقيقة”.

ودعا بغداد إلى “اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لمعالجة الآثار السلبية لهذه التطورات، والتي ترتبت على حكم المحكمة الاتحادية العليا الصادر في 4 سبتمبر، وما تضمنه الحكم من حيثيات تاريخية غير دقيقة خارج السياق، بشأن اتفاقية خور عبدالله المبرمة بين العراق  والكويت”.

وشدد المجلس الوزاري الخليجي على أن “هذه التطورات لا تخدم العلاقات مع دول مجلس التعاون، وتخالف المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما فيها قرار مجلس الأمن”.

وأفادت الصحيفة بأن اللقاء تناول التطورات الأخيرة في المنطقة، خاصة ما يتعلق بحيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا بشأن اتفاقية خور عبدالله، والتي جرى التصديق عليها من البلدين وإيداعها لدى الأمم المتحدة.

وبحسب المصادر، فإن “الحراك الكويتي سيشمل عددا من كبار المسؤولين في المنظمة الدولية والولايات المتحدة والدول الأوروبية”، مشيرة إلى أن “المجلس الوزاري الخليجي عبر عن رفضه القاطع لأي انتهاك يمس سيادة الكويت، واحتفاظها بحقها في الرد وفق القنوات القانونية”.

تراجع مستحيل

وبخصوص مدى تغيير العراق موقفه جراء ضغط دول الخليج، قال البرلماني العراقي السابق حامد المطلك، إن “قرار المحكمة الاتحادية في إلغاء اتفاقية خور عبدالله، مستحيل للحكومة العراقية التراجع عنه، لأن ذلك ليس حقها أولا، ولا من صلاحياتها ثانيا”.

وأوضح  أن “ما أقرته المحكمة الاتحادية العراقية يستند إلى وقائع تاريخية وخرائط واعترافات دولية، وأن موقف دول مجلس التعاون الخليجي لا ينم عن عدالة ورأي صائب لتسوية هذه القضية”.

وأشار إلى أن “خارطة العراق الجغرافية ملك الشعب العراقي، وليس من حق أي حكومة تأتي تدير السلطة في البلاد أو أي دولة أخرى أن تتلاعب بها، لذلك الموضوع يتعلق بحقوق جميع العراقيين”.

ونقلت صحيفة “”العالم الجديد” العراقية في 5 سبتمبر، عن التميمي أن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن قانون اتفاقية خور عبدالله ملزم وبات لجميع السلطات، ولا يمكن عدم تنفيذه من أي جهة، فقد عد القرار تصديق هذه الاتفاقية داخل البرلمان أمرا غير دستوري”.

ولفت الخبير القانوني إلى أن “القرار ألغى هذه الاتفاقية، بمعنى أنها قد ألغيت من جانب واحد (من طرف العراق فقط)، وفي هذه الحالة سيتم اللجوء إلى محكمة البحار، وهي محكمة دولية، وأن أي قرار يصدر منها سيكون ملزما للعراق والكويت معا”.

10 سنوات

وفي المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، عايد المناع إن “ترسيم الحدود الكويتية العراقية انتهى من الجانب البري بالكامل، وذلك وفقا لمتطلبات القرار الأممي رقم 833 لسنة 1993 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وهو مستند على قرار دولي سابق”.

وأضاف المناع لوكالة “فرات” الإخبارية في 14 سبتمبر: “الاتفاق اعتمد على وثائق ثنائية، أهمها اتفاق جرى بين البلدين في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1964، بناء على تحديد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي، نور السعيد، الحدود بين البلدين، وعدت إحدى الوثائق المهمة”.

وتابع: “وسبق ذلك، مفاوضات جرت بين بريطانيا والدولة العثمانية عام 1913 حول الحدود بين العراق والكويت”.

وبالنسبة للجانب البحري، يؤكد المناع، أنه “جرى ترسيم الحدود البحرية بعد توقيع اتفاقية خور عبدالله في 2013، ولكن جميع متطلبات الاتفاقية قد تحققت وبقيت نقطة وحيدة وهي وضع العلامة 162 التي كان عليها الحوار والنقاش والعمق وغيره من الأمور”.

ورأى الكاتب الكويتي أن “إلغاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق لاتفاقية خور عبدالله بعد 10 سنوات، شيء معيب وغير لائق، أن يجرى بين الدول المتشاطئة والشقيقة، لأنه بعد تلك المدة تمّت أمور كثيرة”.

وكانت الكويت قد سلمت مذكرة احتجاج إلى سفير العراق لديها على خلفية حكم المحكمة الاتحادية العليا العراقية القاضي بعدم دستورية اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين البلدين في خور عبدالله.

وقال بيان للخارجية الكويتية في 16 سبتمبر إن “مساعد وزير الخارجية سلّم السفير العراقي، الجمعة، مذكرة احتجاج على ما ذُكر في حيثيات الحكم بشأن الاتفاقية المبرمة بين البلدين لتنظيم الملاحة في خور عبدالله”.

مقالات ذات صلة