العالم مشغول بالعدوان على غزة.. لماذا تسرع إسرائيل من تغيير واقع الضفة الغربية؟

في غمرة الانشغال الدولي بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعمل تل أبيب بسرعة غير معهودة على تغيير واقع الضفة الغربية المحتلة.
فمنذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ الاحتلال في تكثيف الاستيطان والاعتقالات وشن أصناف متعددة من الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
وتشهد أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، بما فيها شرق القدس، حملات مداهمة واقتحامات للقرى والبلدات من جانب الجيش الإسرائيلي، تصحبها مواجهات واعتقالات وإطلاق نار وقنابل غاز على الفلسطينيين.
اعتقالات متصاعدة
وتسارعت عمليات الاعتقال في الضفة منذ 7 أكتوبر، بعدما أطلقت إسرائيل حربا فتاكة على قطاع غزة دمّرت خلالها أحياء فوق رؤوس ساكنيها، خلفت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين.
وعلى سبيل المثال، اعتقلت قوات الاحتلال منذ مساء 13 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى فجر اليوم التالي، 78 فلسطينيا على الأقل من الضفة الغربية، بينهم 17 فتاة (طالبات جامعيات) من الخليل، بحسب بيان مشترك صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.
وفجر 13 نوفمبر، أعلن نادي الأسير الفلسطيني، أن الجيش الإسرائيلي اعتقل أكثر من 50 فلسطينيا بالضفة الغربية.
ومنذ 7 أكتوبر حتى صباح 15 نوفمبر، اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 2650 فلسطينيا، في حصيلة تشمل من جرى اقتيادهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا.
ورافق حملة الاعتقالات عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرح، ومصادرة الهواتف، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم.
كما يرافقها عمليات تخريب وتدمير واسعة في منازل الفلسطينيين، وترويع وتهديد يصل حد التهديد بإطلاق النار بشكل مباشر، وفق المؤسسات الحقوقية.
ويبدو أن سلطات الاحتلال تحاول الضغط على حركة المقاومة الإسلامية في هذا الملف، بعد أن أسرت الأخيرة بين 200 – 250 بين أجانب وإسرائيليين من غلاف غزة.
قتل وتدمير
لم يتوقف الأمر عند الاعتقالات، فقد تصاعدت عمليات الاقتحام والقتل الإسرائيلية الجماعية في الضفة الغربية بشكل كبير منذ بدء العدوان على غزة.
ولوحظ تركز تلك العمليات الممنهجة في شمال الضفة الغربية التي تشهد حالة مقاومة فريدة من نوعها مع بروز عدد من الفصائل المسلحة أخيرا مثل كتيبة جنين وعرين الأسود وغيرها.
وكان آخر ذلك، اقتحام قوات الاحتلال مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية وقتل 7 فلسطينيين في 14 نوفمبر.
وبلغت حصيلة شهداء طولكرم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر وحتى 14 نوفمبر، 32 شهيدا.
وبالعموم، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي من 197 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر وحتى 14 نوفمبر، بحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية.
كما اقتحمت قوات الاحتلال مدينتي نابلس وجنين أكثر من مرة متسببة في وقوع عدد من الشهداء والجرحى في عمليات شبه يومية.
وفي نابلس، اتخذت قوات الاحتلال خطوة أكثر تصعيدا، حيث فجرت منزلا في قرية عوريف جنوب نابلس.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت بأكثر من 20 مركبة عسكرية القرية وداهمت منزل عائلة الشهيد مهند شحادة بعد محاصرته، ثم فجرته.
واستشهد مهند شحادة (26 عاما) في 20 يونيو/حزيران 2023، برصاص مستعمر على طريق رام الله – نابلس قرب قرية اللبن الشرقية، كما استشهد ابن قريته خالد صباح (24 عاما) برصاص وحدة خاصة من جيش الاحتلال شمال طوباس.
سرقة وتهجير
إضافة إلى ذلك، صعّدت إسرائيل من مساعي تهجير تجمّعات فلسطينية وعائلات معزولة عن منازلها وأراضيها، بحسب ما قال المركز خلال تقرير نشره في 19 أكتوبر.
وقال: “تتركّز مساعي التهجير في منطقة ضهر الجبل شرقي رام الله وفي منطقة الأغوار وفي تلال جنوب الخليل”.
وتابع أن “التقارير التي وصلت إلى (بتسيلم) تفيد بأن المستوطنين قد أغاروا على تجمّعات فلسطينية شتّى – معزّزين بالسلاح أحيانا وبمرافقة جنود في أكثر من حالة”.
وهاجم المستوطنون الأهالي، وفي حالات عدّة هدّدوهم بالسلاح، بل أطلقوا النار عليهم فعليا.
وأفاد عدد من الفلسطينيين عن أضرار لحقت بممتلكاتهم، من ضمنها هدم مبانٍ، سرقة مواشٍ، قطع أشجار، سرقة محاصيل زراعية، إتلاف خزانات مياه وتقطيع أنابيب مياه وتحطيم ألواح شمسية.
ما القادم؟
وسط تصاعد هذه الانتهاكات، حذرت صحيفة “هآرتس” العبرية اليسارية في منتصف أكتوبر، من أن المستوطنين “يحاولون جر إسرائيل إلى حرب في الضفة الغربية”.
وبدأت إسرائيل أخيرا بزيادة تسليح المستوطنين، كما أعلن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن وزارته ستوزع 10 آلاف قطعة سلاح ناري، بالإضافة إلى معدات قتالية “لحماية المستوطنات”.
وسجلت تل أبيب ارتفاعا غير مسبوق في طلبات استصدار رخص حمل السلاح وصلت نحو ربع مليون، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر.
وقالت هيئة البث الإسرائيلي، في 15 نوفمبر، إن هناك “ارتفاعا ملموسا” على طلبات استصدار رخص لحمل السلاح، بلغ نحو ربع مليون منذ بدء الحرب.
وأشارت الهيئة الرسمية إلى أن هذا الرقم “يوازي عدد الطلبات المسجلة خلال السنوات العشرين الماضية”.