الصدر يدعو لإغلاق سفارة أميركا ردا على دعمها لإسرائيل.. هل يستجيب الإطار الشيعي؟

أثارت دعوة زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، سلطات بلاده، إلى غلق سفارة واشنطن في بغداد، العديد من التساؤلات عن إمكانية تنفيذ مطلبه هذا، وما الذي يمكن أن يُقدم عليه في حال عدم الاستجابة له، ولاسيما أنه هدد باتخاذ “تصرف آخر”.

دعوة الصدر رأى البعض أنها وضعت “الإطار التنسيقي” الشيعي، في موقف حرج، لأنهم يسيطرون على الحكومة والبرلمان، فيما عدها آخرون “مراوغة سياسية ذكية” لدفع خصومه إلى تحمّل قرار غلق السفارة علنا، بدلا من اقتحامها عبر مليشياتهم وتحميل غيرهم المسؤولية.

وفي 31 أغسطس/آب 2022، قرر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الاعتزال “نهائيا” عن السياسة، وذلك بعد شهرين من توجيهه للكتلة الصدرية بالبرلمان لتقديم استقالة جماعية، بعدما أخفق مع حلفائه من السنة والأكراد بتشكيل حكومة أغلبية سياسية.

صمت رسمي

دعوة الصدر  في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لإغلاق سفارة واشنطن في بغداد، تأتي احتجاجا على “الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في حربها على غزة”، وفق تعبيره.

وتشن قوات الاحتلال غارات عنيفة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، بعدما بدأت حركة المقاومة الإسلامية حماس عملية “طوفان الأقصى” ردا على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.

وفي منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقا) طالب الصدر “الحكومة والبرلمان بكل فئاته وتوجهاته، ولأول مرة ولأجل مصالح عامة لا خاصة بالتصويت على غلق السفارة الأميركية في العراق للدعم الأميركي اللامحدود للصهاينة الإرهابيين ضد غزة”.

لكن زعيم التيار الصدري شدد على ضرورة “حماية أفرادها (السفارة) الدبلوماسيين، وعدم التعرض لهم من المليشيات الوقحة، والتي تريد النيل من أمن العراق وسلامته”، في حال التصويت على القرار، مهددا باتخاذ “موقف آخر” إذا لم تستجب الحكومة والبرلمان لطلبه.

وأشار إلى “أنه يأمل من محور الممانعة ومحبي الجهاد، عدم رفض الطلب بذريعة الضائقة الاقتصادية، وإجراءات الخزانة الأميركية، لأن السكوت سيؤدي إلى التطبيع والفقر”، بحسب قوله.

وطالب الزعيم الشيعي، أنصار التيار بـ”التزام الطاعة وعدم التصرف الفردي، وتجنب استعمال السلاح مطلقا”.

وحتى يوم 28 أكتوبر، لم يصدر من البرلمان والحكومة العراقية أي تعليق رسمي على دعوة الصدر لهم بإصدار قرار يقضي بغلق السفارة الأميركية في بغداد، دعما لقطاع غزة.

وفي رد فعل فردي، قال عضو البرلمان العراقي، برهان المعموري إنه “بناء على طلب مقتدى الصدر سنشرع بحملة لجمع تواقيع النواب لغلق السفارة الأميركية في العاصمة بغداد”.

“مراوغة سياسية”

وعن الهدف من خطوة زعيم التيار الصدري، قال السياسي العراقي، انتفاض قنبر، إن “المليشيات في العراق تقوم بلعبة، فهي تريد أن تنفض يدها من مهاجمة السفارة الأميركية بشكل مباشر، والحديث عن أن هناك جماهير منتفضة غاضبة ستدخلها”.

وأوضح قنبر خلال مقابلة تلفزيونية في 27 أكتوبر، أن “هذه الجماهير هي أعضاء في الحشد الشعبي، ولكن يراد تحريكم لاقتحام السفارة الأميركية في بغداد تحت غطاء جماهيري”.

ورأى السياسي العراقي أن “ما قام به الصدر مراوغة سياسية ذكية، فهو قال لهم: إذا أردتم غلق السفارة الأميركية، فاذهبوا لجمع تواقيع في البرلمان العراقي، وبذلك فهو يحملهم بشكل مباشر” هذه المهمة.

وتابع: “المليشيات تريد أن تلعب على الطرفين، فهي تسعى من جهة إلى أن إظهار أن حكومة رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، حليفة لأميركا، وليست متهمة بالوقوف ضد الولايات المتحدة وضرب مصالحها وقواتها في العراق”.

ومن جهة أخرى، يضيف قنبر، أنهم “يقومون بضرب القوات الأميركية عبر مليشيات تحمل تسميات وهمية، وبالطريقة نفسها يريدون تمويه الولايات المتحدة والشعب العراقي أن من قام بهذه الأعمال مجموعة شعبية أو منفلتة بسبب ما يحصل في غزة”.

ولفت إلى أن “الصدر يريد أن يكشفهم أمام الشعب العراقي والعالم، خصوصا أن حكومة الإطار الحالية هي التي تسيطر على البرلمان بعد انسحاب الكتلة الصدرية التي كانت تمتلك 73 مقعدا”.  

استغلال الحدث

وعلى صعيد آخر، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، لؤي العزاوي، إنه “لا أحد يستطيع غلق السفارة الأميركية في بغداد غير الولايات المتحدة إذا شعرت بوجود خطر على موظفيها، أما الدعوات في العراق فهي مجرد استعراض إعلامي”.

واستبعد العزاوي  أن “يُقدم الصدر على أي فعل يغضب الولايات المتحدة في حال لم يتخذ البرلمان والحكومة العراقية قرارا بغلق سفارة واشنطن، لأن الكل حذر من ردة فعل أميركية ضدهم كالعمل لإفقادهم السلطة في البلاد، سواء التيار الصدري أو حلفاء إيران”.

ورأى الباحث أن “التيار الصدري قد يلجأ إلى الاعتصام أو التظاهر مرة أخرى في بغداد إذا لم يستجب أحد إلى مطلبه، خصوصا أنه شدد في بيانه على ضرورة عدم التعرض للبعثة الدبلوماسية الأميركية وحمايتها، وهذا يؤكد أن مشكلته مع خصومه في الإطار التنسيقي حصرا”.

وأكد أن “حرق السفارة السويدية خرق أمني وجب معالجته فوريا ومحاسبة المقصرين من المسؤولين عن الأمن واتخاذ الإجراءات السريعة جدا لتشخيص أسباب هذا الخرق وكيف ولماذا حصل بهذه الطريقة”.

وأضاف العوادي: “جرى إحالة المتسببين بحرق السفارة وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم وفق قوانين القضاء العراقي العادل، وإحالة المقصرين من المسؤولين الأمنيين من شتى الجهات الأمنية المسؤولة عن أمن العاصمة بغداد والسفارات إلى التحقيق”.

مقالات ذات صلة