الحرب التجارية.. التحدى الأكبر لنمو الاقتصادات الناشئة

قالت منظمة التجارة العالمية إن التوترات الجيوسياسية تغير تدفقات التجارة، إذ تقوم الدول بتحويل سلاسل التوريد إلى الحلفاء ولو على حساب المصادر الأكثر كفاءة.

وأشارت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها في تقريرها السنوي عن التجارة العالمية، إلى أن قيمة السلع والخدمات المتداولة مستمرة في الارتفاع، لكنها تنمو بشكل أسرع داخل الكتل المتحالفة مقارنة ككل، محذرة من أن هذا قد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف ومزيد من الصراعات،

وقالت إن التوترات الجيوسياسية وسلسلة الأزمات أدت إلى تغيير الروايات المحيطة بالتجارة والاقتصاد الترابط على مدى العقد الماضي.

وقالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونغو إيويالا، في التقرير الذي نشر أمس الثلاثاء تحت عنوان” تقرير التجارة العالمية 2023، إعادة العولمة لمستقبل آمن وشامل ومستدام”،

إن “النظام الاقتصادي الدولي بعد عام 1945 بني على فكرة أن الترابط بين الدول يتم من خلال زيادة العلاقات التجارية والاقتصادية وهو ما من شأنه أن يعزز السلام والرخاء المشترك”.

ويتساءل التقرير عما إذا كانت أهداف الأعضاء ستكون أفضل عند تجزئة الاقتصاد العالمي أو تجديد التوجه نحو تكامل أوسع وأكثر شمولاً، وهو ما تسميه منظمة التجارة العالمية بـ”إعادة العولمة”، كما تناول التقرير أيضاً بعض القضايا الأكثر إثارة للجدل حالياً مثل تشكيل السياسة التجارية وكيفية ارتباط العولمة بالأمن، وإلى أي مدى أسهمت العولمة في تعزيز عدم المساواة الاقتصادية، وكيف تفاعلت مع الاستدامة البيئية.

نمو الاقتصاد العالمي 14 ضعفاً في 70 عاماً

وقال تقرير المنظمة إنه على مدى السنوات السبعين الماضية، نما الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ بلغ 14 ضعفاً، وتوسعت التجارة العالمية بشكل مذهل بلغ 45 ضعفاً، مما يؤكد كيف سار التكامل العالمي والنمو العالمي جنباً إلى جنب، في حين يشكل الصعود السريع للعالم النامي جزءاً كبيراً من هذه القصة، بخاصة بعد انفتاح الاقتصادات الناشئة الكبيرة بشكل متزايد واحتضانها للعالمية.

وتطرق التقرير إلى تجربه نمو أخرى فريدة، إذ إن الهند التي تمثل حصة أكبر من سكان العالم، حققت نمواً بلغ في المتوسط 6.1 في المئة سنوياً وهي حالياً الدولة صاحبة الاقتصاد الرئيس الأسرع نمواً في العالم.

وأضاف تقرير منظمة التجارة العالمية إلى أنه على رغم أن هذه الاقتصادات وغيرها من الاقتصادات الناشئة بسرعة ربما استحوذت على القدر الأعظم من الاهتمام في السنوات الأخيرة، فإن الاقتصادات المتقدمة كانت تتوسع وتتقدم أيضاً، ففي الفترة من عام 1980 وحتى اليوم، سجلت اقتصادات مجموعة “السبع” (أي كندا، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) مجتمعة نمواً بلغ مرتين ونصف، وأكدت المنظمة على أن توسيع وتعميق النمو الاقتصادي العالمي ليس الشرط الوحيد للتنمية، ولكنه شرط ضروري، وهو ما يفسر على حد قولها، لماذا تميز عصر العولمة الحديث أيضاً بتقدم غير مسبوق في مجال التنمية؟

العولمة والتجارة

وفقاً لحسابات منظمة التجارة العالمية، فإن تدفقات تجارة السلع بين كتلتين جيوسياسيتين افتراضيتين (استناداً إلى السياسات الخارجية للدول وفقاً لأنماط التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة) نمت بنسبة أربعة إلى ستة في المئة بشكل أبطأ من التجارة داخل هذه الكتل منذ الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022.

وحذرت المنظمة من أن التغييرات التي طرأت على السياسات التجارية والتي بدأت تؤثر في التجارة آخذة في البروز، وهي تظهر في تصاعد الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، فيما تسبب تباطؤ النمو الاقتصادي للأخيرة إلى تباطؤ نمو التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، علاوة على ذلك، أظهرت البيانات العلامات الأولى لإعادة توجيه التجارة على طول الخطوط الجيوسياسية منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة