احتجاجات في موسكو.. الانقلاب على بوتين أصبح ممكنا

شهد الميدان الأحمر في موسكو، خلال الأيام الماضية توجه عشرات الشيوعيين الروس، لتنظيم مظاهرات تطالب بإزاحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الحكم، وذلك بسبب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.
احتجاجات موسكو، لم تأتِ على قرار غزو أوكرانيا،بل على الطريقة أو الآلية التي تم عبرها إدارة العملية، فضلا عما تسبب به من مواجهة روسية مع الغرب، انعكست بشكل سلبي ومباشر على حياة المواطن الروسي.
وخلال هذا وسائل إعلام محلية نشرت تسجيلات مصورة، تُظهر تجمع مجموعة من الروس في الميدان الأحمر، وهم يحتجون على سياسة الرئيس الروسي، معتبرين أن “من هم في السلطة لا يمتلكون الكفاءة لقيادة روسيا”.
ونقلت سائل إعلام محلية عن عضو الحزب الشيوعي في روسيا قوله، إن “الشعب سيغير الحكومة تحت قيادة الحزب الشيوعي الروسي”.
بوتين خسر الرهان
في تصريحات صحفية قال الباحث في العلاقات الدولية عبد الرحمن صلاح الدين، رأى أن الشيوعيين قد لا يشكلون تعبيرا حقيقيا عن واقع المجتمع الروسي وتطلعاته، مشيرا إلى أن خسارة بوتين لرهان كسب الحرب بطريقة خاطفة كلّف روسيا الكثير لا سيما على الصعيد الاقتصادي، ما أثّر على حياة المواطنين الروس.
صلاح الدين قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “لا يشكل الشيوعيون في روسيا تعبيرا حقيقيا عن واقع المجتمع الروسي وتطلعاته، وذلك بسبب كونهم لا يتمتعون بثقل شعبي كبير، كذلك الشيوعيون هم أكثر بُعدا عن الغرب من بوتين نفسه”.
من المعروف أن بوتين خسر الرهان الأول، وهو رهان كسب الحرب في أيام معدودات، فيما العمل على الرهان الثاني وهو تراجع داعمي أوكرانيا تحت الضغط الاقتصادي وارتفاع أسعار الطاقة، وهذا الرهان عمليا جعل بوتين يخسر المرحلة الاولى منه، مع تمكن أوروبا من إيجاد بدائل قصيرة الأمد للغاز الروسي على الأقل خلال هذا الشتاء.
كذلك عبر اتفاق الدول السبع الكبار والاتحاد الأوروبي على وضع سقف لأسعار النفط الروسي، وما سيليه من وضع سقف للمشتقات النفطية الروسية والغاز الروسي.
لكن تبقى لروسيا رهانات كثيرة يمكن أن نلخصها في الضغط على اقتصادات أوروبا وفي عدم توحيد وجهة النظر الغربية عموما والأوروبية خصوصا تجاه قضية التعاطي مع الحرب الروسية الأوكرانية.
ضغوط كبيرة
صلاح الدين أوضح كذلك، أن روسيا الآن تحت ضغوط هائلة تتمثل في العقوبات القاسية المفروضة عليها، وفي الاستنزاف الكبير الذي تسببه الحرب لمواردها المالية، ذلك يمكن قراءته في عجز الميزانية الروسية، وفي تقلّص الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الروسي، عدا عن ارتفاع حدّة الديون على الدولة والمؤسسات والأفراد، وكذلك في الاستنزاف الواسع للاحتياطي النقدي الروسي.
كون التأثيرات السريعة على الاقتصاد الروسي جاءت أقل من المتوقع، فهذا لا يعني أن التأثيرات متوسطة الأمد ستكون أيضا أقل في المتوقع، خصوصا إذا طال أمد الحرب لسنوات ومعه أمد العقوبات، وهذا يعني خسارة روسيا لسنوات طويلة من النمو الاقتصادي ومن تخزين الاحتياطات النقدية، والتأثير الأكبر سيكون طبعا على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
تعرف القيادة الروسية على طول أمد الحرب وعدم التوصل لحل لن يؤدي فقط إلى استنزاف واسع اقتصادي لها، بل ايضا استنزاف بشري واجتماعي.
حول ذلك قال صلاح الدين، “حتى الآن خسرت سنوات من النمو الاقتصادي الإيجابي، لكن في المقابل فإن دولة بحجم روسيا ودورها لا تستطيع أن تتقبل الهزيمة وهي بالتأكيد ستفعل كل ما يمكن فعله لكسب هذه الحرب، والحل هنا هو بالتوصل لأحد طريقين، الأول حل سياسي نهائي يعطي لروسيا مكاسب، والثاني هو تجميد الجبهات ووقف القتال عمليا دون اتفاق سلام موقّع، لكن هذا الطريق لا يضمن رفع العقوبات على روسيا”.
الانقلاب اصبح ممكنا
قال كاتب خطابات فلاديمير بوتين السابق عباس غالياموف لمراسلة CNN إيرين برنيت أن الانقلاب العسكري أصبح ممكناً في روسيا مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وقال غالياموف: “الاقتصاد الروسي آخذ في التدهور، خُسرت الحرب. هناك المزيد والمزيد من الجثث التي تعود إلى روسيا، لذلك سيواجه الروس المزيد من الصعوبات وسيحاولون العثور على تفسير لسبب حدوث ذلك، والنظر حولهم إلى العملية السياسية وسوف يجيبون بأنفسهم: حسنًا، هذا لأن بلادنا يحكمها طاغية عجوز ، ديكتاتور عجوز”، وتابع قائلا: “في هذه اللحظة، أعتقد أن الانقلاب العسكري يصبح ممكنا”.
وأردف كاتب خطابات بوتين السابق قائلا: “لذلك في غضون عام واحد عندما يتغير الوضع السياسي ويوجد رئيس مكروه ويفتقد للشعبية على رأس الدولة والحرب لا تحظى بشعبية حقًا، وهم بحاجة إلى إراقة الدماء من أجل هذا، في هذه اللحظة، يصبح الانقلاب احتمالًا حقيقيًا”.
ورأى غالياموف أن بوتين قد يُلغي الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مارس/آذار من عام 2024.
وأردف الكاتب السابق لخطابات الرئيس الروسي: “بالحكم على تصرفاته، عندما يُصعد أمرا بدون ضرورة، ربما يُلغي الانتخابات، بدون النصر في أوكرانيا سيواجه صعوبات مع الروس، فالروس لا يحتاجونه إذا لم يكن قويا وقد يُعلن تطبيق الأحكام العُرفية ويُلغي الانتخابات”.