إفريقيا وأميركا اللاتينية.. إجراءات فعلية ضد العدوان الإسرائيلي تحرج البلدان العربية

“لو لم أكن عربيا لوددت أن أكون بوليفيا، كولومبيا، تشيليا، إفريقيا“.. عبارة ترددت كثيرا بين الناشطين العرب على مواقع التواصل، سخرية من صمت الأنظمة العربية المتواطئة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لإبادة غزة.
وجاءت هذه التغريدات على إثر المواقف الشجاعة لدول أميركا اللاتينية وإفريقيا التي سحب بعضها سفراءه من إسرائيل واتهموها بالتعامل مع أهالي غزة بنفس أسلوب “النازيين”، ما عد درسا لحكام العرب المتخاذلين.
من بين 6 دول عربية طبعت مع إسرائيل وأقامت علاقات دبلوماسية وتجارية معها، لم تقطع أي دولة منها العلاقات أو تطرد السفير الإسرائيلي باستثناء الأردن الذي استدعى السفير من تل أبيب حتى وقف التوغل البري.
فيما أعلنت البحرين عن “وقف علاقاتها الاقتصادية”، لا السياسية، مع إسرائيل ومغادرة السفير الإسرائيلي (طواعية منذ فترة) وعودة السفير البحريني من تل أبيب.
وبدورها، تحركت 4 دول من أميركا اللاتينية، ودولتين إفريقيتين دبلوماسيا ضد إسرائيل، إضافة إلى تركيا التي سحبت سفيرها وغادرها الإسرائيليون.
نظمة تنتظر الهزيمة
كانت عملية طوفان الأقصى، واجتياح مقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس لمستوطنات غلاف غزة، وقتل 1500 إسرائيلي، بمثابة إحراج بالغ للأنظمة العربية وجيوشها التي تشتري أسلحة بالمليارات تتكدس حتى تصدأ.
وترهن أغلب هذه الأنظمة قرارتها للغرب وأيضا للاحتلال الإسرائيلي بعد اتفاقيات “أبراهام”، مقابل أن تتغاضى الولايات المتحدة عن ديكتاتوريتها واستبدادها.
ولذلك كان من الطبيعي أن يقتصر دورها على الشجب ومطالبة إسرائيل بوقف العدوان، دون تحرك حقيقي لنجدة غزة من الإبادة، بل والتواطؤ في ترتيبات ما بعد التهجير واحتلال القطاع المحاصر.
عداء أغلب هذه الأنظمة، خصوصا نظام عبدالفتاح السيسي في مصر، وأنظمة خليجية خاصة الإمارات والسعودية، لحماس بصفتها حركة إسلامية وامتدادا لجماعة الإخوان المسلمين، جعلهم يعدون العدوان الصهيوني فرصة لتخلصهم منها.
انعكس ذلك على الموقف العربي الإجمالي في صورة سلسلة من القرارات المتخاذلة تجاه غزة، بداية من دعوة مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب 11 أكتوبر/تشرين أول 2023 “جميع الأطراف إلى ضبط النفس”.
وأحرج مجلس النواب البحريني حكومته ببيان غامض أو ربما مُرتب، يطالب بقطع العلاقات “الاقتصادية” فقط ويعلن أن سفراء البلدين عادوا لبلادهم دون توضيح ما جرى أو دون أن يصدر القرار من وزارة الخارجية.
أميركا اللاتينية
كانت أميركا اللاتينية هي أكثر القارات إيجابية في اتخاذ مواقف تدين العدوان واتخذت أربعة دول منها قرارات مباشرة بقطع العلاقات وسحب السفراء، فيما دعت دول أخرى مثل المكسيك والبرازيل، إلى وقف إطلاق النار.
الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قال: “ما يحدث جنون من رئيس وزراء اسرائيل (بنيامين نتنياهو) الذي يريد محو قطاع غزة”، منتقدا قتل إسرائيل “ملايين الأبرياء”.
كما أدانت فنزويلا “جرائم الإبادة الجماعية” التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وكانت بوليفيا، أول دولة تتخذ الخطوة الأقوى حتى الآن، حيث قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بالكامل يوم 31 أكتوبر 2023 واتهمتها بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” خلال عدوانها على غزة.
وهذه ثاني مرة تفعلها بوليفيا نُصرة لغزة، إذ سبق أن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2009 بسبب الحرب هناك أيضا آنذاك، وقتل المدنيين الفلسطينيين، لكن جرى استئنافها مجددا عام 2020.
إفريقيا تستيقظ
وفي القارة السمراء، تزعمت جنوب إفريقيا في 6 نوفمبر 2023 حملة إيقاظ تلك المنطقة أمام الجرائم الصهيونية، وسحبت جميع دبلوماسييها في إسرائيل “للتشاور”.
كما أصدر حزب المؤتمر الوطنيّ الإفريقي الحاكم بيانا قال فيه: إن ما قام به مناضلو “حماس” لم يكن عملا مفاجئا، ولكنه جاء نتيجة لاستمرار الاحتلال.
وأكّد أن ما يجرى في فلسطين المحتلة، يذكر بتاريخ الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وأصبحت جنوب إفريقيا الدولة الثامنة التي تقطع العلاقات أو تستدعي مبعوثها من إسرائيل خلال الحرب مع حركة حماس.
وسبقتها تشاد باستدعاء القائم بأعمالها في إسرائيل 5 نوفمبر 2023 للتشاور بسبب “قتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة”.
وقالت وزارة الخارجية التشادية في بيان، “تدين تشاد الخسائر في أرواح المدنيين الأبرياء وتدعو إلى وقف إطلاق النار بما يؤدي إلى حل دائم للقضية الفلسطينية. ونتيجة لذلك تقرر استدعاء القائم بالأعمال في إسرائيل للتشاور”.
وبدوره، أكد الاتحاد الإفريقي في بيان له على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات؛ لإنهاء الصراع بين إسرائيل وحركة “حماس”.
ودعا رئيس المفوضيّة موسى فكي إلى العودة لطاولة التفاوض دون شروط مسبقة؛ بغية الوصول إلى حل نهائي بقيام دولتَين تعيشان جنبا إلى جنب، وفق وصفه.
وتجلّى ذلك واضحا عندما خسرت إسرائيل معركة نيل صفة العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي، وتمكّن التكتل الذي تقوده جنوب إفريقيا والجزائر من تحقيق نصر دبلوماسي كبير، عندما رفضت غالبية الدول ذلك في قمة العام 2022، كما قال.