إطلاق الحوثيين صواريخ باتجاه إسرائيل.. دعما للمقاومة الفلسطينية أم لأهداف أخرى؟

في 31 أكتوبر/تشرين أول 2023 ومع بدء التوغل البري الإسرائيلي إلى قطاع غزة، أعلن الحوثيون، في اليمن رسميا دخولهم الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال.
الحوثيون أعلنوا دخول اليمن الحرب عبر إطلاق مجموعة جديدة من الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة على أهداف مختلفة في إسرائيل، وأكدوا استمرار هذه العمليات “حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي”.
وتوعدت المليشيا بمواصلة إطلاق الصواريخ والمسيرات وأعلنت شن 3 عمليات من هذا النوع منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023. كما أعلنوا مسؤوليتهم عن قصف إيلات لثالث مرة، وسط مخاوف إسرائيلية وأميركية من توسع خطير للحرب.
هذه أول مرة تتبنى المليشيا- التي تسيطر على صنعاء وجزء كبير من شمال وغرب اليمن منذ عام 2014- إطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل ما يعني إعلانها رسميا دخول المعركة.
أو أنها كانت تستهدف المنشآت الإستراتيجية في ميناء إيلات، وكان من شأن وصول أحد هذه الصواريخ أن يتسبب في كارثة جماعية.
وأعلن المتحدث العسكري باسم “الحوثيين” مساء الأول من نوفمبر/تشرين الثاني “إطلاق دفعة كبيرة من الطائرات المسيرة على أهداف في الكيان الصهيوني”
وقال في بيان مقتصب: “مستمرون بعملياتنا نصرة للشعب الفلسطيني حتى يتوقف العدوان على غزة”.
حجم الخطر
ومنذ بدء الحوثيين في اليمن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل ثم إعلانهم ذلك رسميا، تتساءل الصحف ومراكز الأبحاث الإسرائيلية: “هل نحن على مشارف حرب إقليمية؟ وما هي المخاطر الكامنة وراء إطلاق الصواريخ من اليمن؟ وهل سيتم الرد عليها؟
صحيفة “معاريف” العبرية ذكرت في 20 أكتوبر 2023 خلال مقال للكاتب “طل ليف رام” أن هدف اليمنيين هو تهديد إسرائيل وخاصة النقب وإيلات والتحرش بنا.
قالت إن خطورة هجماتهم تتمثل في تداعيات أخرى قد تتسبب في فتح جبهة أخرى للحرب ضد إسرائيل من اليمن، المتحكم بالجزء الشمالي من مضيق باب المندب، والذي يعد بوابة الدخول للبحر الأحمر ونقطة إستراتيجية على طرق التجارة العالمية.
أشارت إلى مرور جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل وأوروبا من الشرق، عبر هذا المضيق سواء نحو ميناء إيلات أو قناة السويس، و”من هناك إلى إسرائيل عبر أشدود وحيفا أو للاقتصاد الأوروبي وشمال إفريقيا بأكمله”، ما يعني أن دخولهم الحرب يشكل خطرا على إسرائيل.
أيضا يمتلكون صواريخ قادرة على استهداف إسرائيل مثل صواريخ “غدير” وهي نسخة حديثة من صاروخ شهاب 3، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر، بحسب موقع “إسرائيل ديفنس”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية مطلع نوفمبر 2023 إن الجيش الإسرائيلي اضطر إلى تفعيل منظومة “حيتس” أو السهم خوفا من خطورة إطلاق القوات اليمنية الصواريخ والطائرات المسيرة نحو إسرائيل من جهة البحر الأحمر، وذلك في محاولة لاعتراض الهجوم المحتمل.
وقد نشرت إسرائيل، في يناير/كانون الثاني 2021، بطاريات باتريوت في الجنوب جهة البحر الأحمر خشية إطلاق صواريخ أو طائرات مسيرة من اليمن، بمناسبة ذكرى اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني”.
ولخطورة التهديدات الحوثية وإطلاقها ثلاث دفعات من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، والمخاوف أن يفلت بعضها ويضرب أهدافا إسرائيلية، أعلن جيش الاحتلال في 31 أكتوبر 2023 نشر زوارق صواريخ في البحر الأحمر.
رسائل الصواريخ
لا تبدو رسائل صواريخ الحوثيين في اليمن موجهة لإسرائيل فقط نصرة لغزة، لكنها تحمل رسائل أخرى لأمريكا والسعودية والإمارات، كما يرى مراقبون.
بل إن صحفا أميركية وإسرائيلية ترى أن إطلاق الحوثيين للصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لإظهار التضامن مع حماس، لا يشكل تهديدا إستراتيجيا مباشرا على إسرائيل، لكن من الممكن أن تكون لها عواقب على جبهات أخرى.
يرون أن دخول الحوثيين الحرب على إسرائيل مهما كان هدفه، فإن آثاره السياسية ستكون سلبية على صعيد تعقيد مسار المفاوضات مع السعودية، وبالتالي تأخير حلحلة الأزمة اليمنية لسنوات، واحتمال توسيع الحرب مجددا.
يؤكدون أن امتناع إسرائيل وأميركا عن الرد على اليمن حتى الآن، سببه الخوف من هجمات انتقامية للحوثيين ضد السعودية والإمارات والقواعد الأميركية في البلدين، لا سيما أن الخطاب الإعلامي للمليشيا لا يفرق بين واشنطن والتحالف السعودي الإماراتي.
وفي حال حدوث قصف على اليمن، يتوقع أن يستهدف الحوثيون أهدافا أميركية في والسعودية والامارات، ما يعني توسيع الحرب بصورة خطيرة وقد يتدخل معها حزب الله ومليشيات شيعية في سوريا والعراق.
ملف التطبيع
عكس ما يراه بعض المحللين من أن الحرب بين إسرائيل وغزة، يمكن أن تكبح مساعي التطبيع مع الرياض، يعتقد المحلل السياسي لصحيفة “هآرتس” العبرية “تسفي برئيل” مطلع نوفمبر 2023 عكس ذلك.
زعم أن “الوضع الحالي قد يدفع السعودية لدعم علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة ومن ثم الحفاظ على مسار التطبيع من ناحية ثانية”.
وبين أن “الضربات التي وجهها وكلاء إيران في المنطقة، خاصة تلك الآتية من الحوثي يمكن أن تعجل بمسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، من جهة، وتسرع وتيرة تقوية التعاون الأمني مع واشنطن، بعقد اتفاقية دفاع معها”.
والأهم من ذلك، كما يرى تحليل “هآرتس”، فقد تقرر واشنطن التوقيع على اتفاقية دفاع مع السعودية لإظهار التزامها بالدفاع عن المنطقة ضد الأقمار الصناعية الإيرانية، دون اشتراط ربط ذلك بالتطبيع بين الرياض وتل أبيب.
وكان موقع “أكسيوس” الأميركي قال 31 أكتوبر 2023 إن “السعودية لا تزال مهتمة” بمحاولة التوصل لاتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وبين أن وفد الكونغرس الأميركي الذي زار المملكة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بحث هذا التطبيع وأشار لاستمرار نية السعودية تجاهه.